أفرزت إجازة قانون تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير في السودان حالة أشبه بالاصطفاف بين أنصاره. وكان لافتا تداعي قيادات حزب المعزول ورموز محسوبة على التيار السلفي إلى صلاة الجمعة في مسجد جامعة الخرطوم.

وعلى الرغم من أن النسخة المجازة لم تنص على العزل السياسي لحزب المؤتمر الوطني كما ورد في مشروع القانون، لكن أنصار البشير اعتبروها تقييدا لحريتهم.

وأمّ المصلين وخطبهم في مسجد الجامعة المعروف تاريخيا بأنه حاضنة لنشاط الإسلاميين، رئيس حزب دولة القانون محمد علي الجزولي وسط هتافات بالتكبير والتهليل.

ونشط رئيس حزب المؤتمر الوطني بالإنابة إبراهيم غندور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك في انتقاد القانون، وكتب قائلا “لن يمنعنا القرار من ممارسة حقوقنا التي كفلتها لنا كل القوانين الوطنية والمواثيق الدولية”.

التداعي والاصطفاف
وبعد صلاة الجمعة بمسجد جامعة الخرطوم، تحدث القيادي في حزب المؤتمر الوطني أنس عمر وحث أنصار الحزب على “الصبر”، قبل أن يوجه هجوما لاذعا للقانون ويصفه بالتافه وأنه لا يساوي الحبر الذي كتب به.

وشدد عمر على أنه لا يوجد أي شخص قادر على إسكاتهم أو حل حزب المؤتمر الوطني، وتساءل مستغربا “أنتم تحلون الحركة الإسلامية يا فئران؟”.

وفي وقت لاحق، أصدرت جامعة الخرطوم بيانا اتهمت فيه محمد علي الجزولي بالتعدي على منبر المسجد، وقالت إنها ستتخذ كل الخطوات القانونية لمنع تكرار ما حدث بعد مشادات كلامية بين طلاب الجامعة وأنصار النظام السابق.

واعتبر القيادي في حزب المؤتمر ربيع عبد العاطي أن القانون سابقة قانونية في السودان والعالم بصدور تشريع يصادر الحريات.

وأوضح عبد العاطي للجزيرة نت أن الخيارات ستكون مفتوحة أمام حزبه، لأن القانون المجاز نفسه منح حق أخذ الحقوق باليد لأي شخص وقنن أخذ الناس بالشبهات، مضيفا “لكل شخص الحق في الدفاع عن حريته بالطريقة التي يراها مناسبة”.

ويرى أن الخيارات لن تنحصر على أنصار المؤتمر الوطني لأن القانون يقنن للفوضى، وهو ما يخلق حالة اصطفاف تتجاوز الإسلاميين إلى كل المطالبين بالحرية، حسب قوله.

واجهات جديدة
في المقابل، اعتبر قادة سابقون بالمؤتمر الوطني أن قانون تفكيك نظام 30 يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019 لا يعنيهم في شيء بعد أن شكلوا واجهات جديدة.
اعلان

ويقول أمين حسن عمر الذي كان ضمن المكتب القيادي لحزب البشير ويقف وراء كيان جديد باسم “حركة المستقبل” في حديثه للجزيرة نت “لن أعلق على القانون لأني لم أعد جزءا من المؤتمر الوطني”.

لكن المتحدث باسم قوى إعلان الحرية والتغيير وجدي صالح يؤكد أن القانون فيه تعريف للتمكين يستوعب كل محاولات الإفلات، فضلا عن قوانين أخرى مكملة لإزالة التمكين.

ورغم إقرار صالح بأن القانون لا ينص على العزل السياسي لحزب المؤتمر لعشر سنوات كما ورد في نسخة مسربة، فإنه يبدو في الوقت ذاته متشددا تجاه منح الحرية لأنصار النظام السابق.

ويضيف للجزيرة نت أنه “من الطبيعي أن يذهب المؤتمر الوطني مع النظام البائد.. الشعب حل هذا الحزب منذ 11 أبريل/نيسان الماضي وقال قراره”.

واعتبر أن القانون جاء لتقنين هذا الحل الشعبي للمؤتمر الوطني “ولإكمال تفكيك مؤسسات النظام وإزالة كل مظاهر التمكين التي مكن بموجبها نفسه ليتسلط على رقاب الشعب السوداني”.

وقلل القيادي في الجبهة الثورية محمد سيد أحمد سر الختم من خطورة لجوء المؤتمر الوطني إلى العمل السري، لأن الإجراءات القانونية قادرة على أن تطالهم، فضلا عن تراجع تأثير الحزب وقوته، حسب قوله.

المؤتمر الوطني يرد
وبحسب وجدي صالح فإن قانون تفكيك نظام 30 يونيو/حزيران 1989 أصبح ساريا منذ تاريخ التوقيع عليه ليلة 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ويؤكد أن الخطوط الأساسية للقانون تنص على حل حزب المؤتمر الوطني والنقابات والاتحادات المهنية وإنشاء لجنة لتفكيك النظام، وهي المعنية بتفكيك النظام السابق ومصادرة ممتلكات الحزب وواجهاته لصالح الحكومة بعد التحري والتدقيق.

وقال بيان لحزب المؤتمر الوطني نشره غندور على صفحته بفيسبوك “إن صمتنا على هذه الأعمال العدوانية وهذا الالتفاف على الحريات بإصدار القوانين السياسية، لا يُسقط حق المؤتمر الوطني في ممارسة الحياة السياسية”.

وشدد البيان على أن صمت الحزب ليس ضعفا لأنه متماسك وقوي ويعمل جاهدا على ترتيب أوضاعه ومقابلة الاستحقاق الانتخابي المقبل واستكمال طرح الإصلاح والتغيير الذي ابتدره الحزب قبل الآخرين.



القسم :

منوعات

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.